كتبت روان عبدالواحد
كيف أصبحتَ المَنفَى بعدما كُنتَ الوطن؟
أقسى الموتِ هو الذبولُ..
أن تنطفئ بعدما كنتْ المِدادَ لوهجِ القُلوبِ
أن يهجرَ الجميعُ روحكَ فيسودُ داخلك خواءٌ أفضى من فضاءِ الكونِ
أن يصيرَ سوادُ جُفونك خيرَ دليلٍ على قيامك بالليلِ حزنًا وشجونًا
أن يكونَ تورمُ عينيك برهانًا على الهزيمةِ في صراعك النفسي المُميت.
لقد أصبحتْ مُنكسرًا، فمن لإعوجاجك يُقيم؟
وازورارك عن الناسِ لم يَزدْهم في شدَّتِك سوى بُعدًا
فحييتَ في المأساةِ وحدُك، بقلبك وكل جوانحِه!
ثم تشتدُ بك ظُلماتُ الأقدارِ، فتُميتُك في قلبِ من تُحبُ، حتى الذكرى لا تبقى!.
لطالما كان إيماني أن المرءَ يُدركُ ما يسعى إليه، فما بالي أسعى إليك وحتى لُقياكَ لا أُدركها! ..
مضيتُ أهدمُ كل الحواجزِ بيننا، وسعيتُ في هدمِ الحُدود، حدَّ المسافةِ والبلادِ والحُزنِ في قلبي المُقيمِ، حتى وصلتُ إلى قلبك فتمثَّلَ حاجزًا أكبر!
أفأكسرُ قلبَك الحاجزَ لكي أصِلَ إليك!
لطالما كنت الطمأنينة وكان الدنو منك دُنيا وسكنًا وسكينة، لكن قلبك السِّكين يأبى أن يترك أوصالَ روحي مُعلقةً بِك فلا ينفك يقطعها!
تركتَ بقلبي بقايا أوتارٍ مُمزقةٍ، لا تصلحُ حتى لعزفِ اللوعةٍ والأسى، سَلَبْتني حقَّ كَمَدي، ونَزَعتَ من قلبي الشُّعورَ..
فسيمفونيةُ وَجدي لا تُجدي سوى مزيدًا من الكربِ والوحشةِ ثُمَّ تحِلُّ اللامُبالاة!.
إنصافُ الغُربةِ بيننا لن يكونَ بسوى ضمَّةٍ!
أتيقَّنُ فيها من وَحشَتي بين ضلوعِك، وأن لم يَعُدْ موطني صَدرُك!
فأرتحلُ عنك أبدًا مُتناسيةً لا ناسية..
ما كانَ بيننا لن يُنسى إلا إذا طُمستْ معه هَويَّتي ، ومثلي لا يَتخلَّى عن هويتِه وإن كانتْ مصدرَ ألمِه الوحيد!
أمضي في حيرتي دربًا ويَهيمُ في عقلي السؤالُ
_كيف أصبحتَ المَنفَى بعدما كُنتَ الوطن؟_ !